لماذا يزور أوباما إسرائيل؟
Obama visit to Middle East
بقلم راي حنانيه
مباشرة بعد فوزه بمدّة رئاسية ثانية، وقد كان انتصارا سهلا حققه ضدّ منافسه ميت رومني الذي استخدم قضية إسرائيل كحجر الزاوية لسياسته الخارجية، ها هو الرئيس باراك أوباما يزور إسرائيل.
ماذا يمكننا أن ننتظر من هذه الزيارة؟
أوباما رئيس يعشق الدراما، حيث أنه وبعد فوزه بمدّة الرئاسة الأولى، قام بزيارة دراماتيكية إلى القاهرة حيث ألقى خطابا رنّانا دغدغ به عواطف العالم الإسلامي، يعنوان “بداية جديدة”.
في ذلك الخطاب، قال أوباما إن الأمريكيين والمسلمين يجمع بينهم الكثير وإن أمريكا لا تكّن أيّ عداء للمسلمين، وهم أكبر مجموعة دينية في العالم.
ولكن هذا لا يمنع وجود آلاف الأمريكيين النشطاء في زرع العداء ضد المسلمين ومنهم باميلا جيلير، والعديد من المنظمات المعادية للمسلمين مثل المجموعات المسيحية الإنجيلية، وكلها تستضيف آلاف المواقع الالكترونية تنشر فيها الخوف من الإسلام.
وقد رحّب المسلمون بالآمال التي أثارها خطاب القاهرة لكن تلك الآمال سرعان ما تبدّدت حيث لم يتحقق أي تقدم نحو السلام في الشرق الأوسط.
أمّا في أمريكا فإن خطاب القاهرة غذّى الحركة المناهضة لأوباما والتي ترتكز على اتهامين اثنين ضدّ أول رئيس أمريكي من أصل أفريقي. الزعم الأول هو أن أوباما مسلم وأنه ليس من مواليد أمريكا. والثاني هو أن أوباما مسلم ويكره إسرائيل، إي كل اليهود (في قاموسهم).
وقد وصلت حدّة العداء لأوباما في أمريكا إلى حدّ أنها شجّعت رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو اليميني للتعبير علنا على معارضته لانتخاب أوباما لمدّة ثانية.
وقد تمّ التشهير بأوباما لأنه لم يزر إسرائيل خلال مدة رئاسته الأولى. والحال أنه منذ رئاسة هاري ترومن، أي الرئيس الأمريكي الذي اعترف بتأسيس دولة إسرائيل، ومن بين الأحد عشر رئيسا للولايات المتحدة وصولا للرئيس أوباما، فقط أربعة رؤساء زاروا إسرائيل، ولم يشهّر أحد بالرؤساء السبعة الذين لم يزوروا إسرائيل.
ومع ذلك، فإن الرئيس أوباما انتصر على غريمه رومني بنتيجة ساحقة، وكشف بذلك مدى ضعف نتنياهو كزعيم إسرائيلي.
وقد كشف فوز أوباما القناع عن القاعدة الانتخابية لنتنياهو، فهم الإسرائيليون الذين يكرهون المسلمين والطامعين بكلّ الأرض الفلسطينية ويفضّلون الأرض مع استمرار النزاع على السلام والتوافق.
وقد أيقض فوز أوباما حركة السلام الإسرائيلية النائمة، فألحقت هزيمة نكراء بنتنياهو في الانتخابات الأخيرة، وتمسك ائتلافه الحكومي بالسلطة بأغلبية ضئيلة لا تتجاوز 60 مقعدا من أصل 120 في الكنيسيت.
وقد تمكّن الحزب الإسرائيلي الجديد المسمى “هناك مستقبل” بزعامة يائير لابيد الذي يصف نفسه “بالوسطي”، تمكّن من إضعاف قوة الدفع السياسية لنتنياهو.
كل هذا يدفعنا نحو السؤال عن المعنى الحقيقي لزيارة أوباما لإسرائيل.
فهل تعني الزيارة أن أوباما يقدّم غصن الزيتون لنتنياهو، وفي ذهنه تركته ما بعد الرئاسة، كما قدّم الرئيس السابق بيل كلنتن تركته الشخصية على تحقيق السلام العادل؟
أم أنها تعني أن أوباما لديه استراتيجية سريّة مبنية على قاعدة شائعة في الأوساط السياسية الأمريكية مفادها أن “تبقى قريبا من أصدقاءك، وأن تبقى أكثر قربا من أعداءك؟ “
أو أنها تعني أن أوباما تستخدم حيلة الاقتراب من نتنياهو ليدفعه “بالمحبّة” نحو قبول فكرة السلام والدولة الفلسطينية؟
هل تعني أن أوباما يستعمل مقابلته مع نتنياهو كذريعة تسمح له أن يدعم السلطة الوطنية الفلسطينية المتهالكة، ويتقابل مع رئيسها محمود عباّس، ربّما أيضا لتقوية موقف لابيد؟
أم أنها ربّما لا تعني شيئا على الإطلاق، وأن أوباما هو ببساطة سياسيّ بارع، يسعى إلى إزالة تلك الصورة التي التصقت به على أنه معاد لإسرائيل، من أجل تحقيق سياساته الداخلية.
الصواب هو أن يدفع الرئيس أوباما نحو تحقيق السلام، وأن يدفع نتنياهو المتعنّت لوقف التوسع الاستيطاني غير القانوني، ولتفكيك جلّ المستوطنات إن لم نقل كلّها، وإنهاء الاحتلال غير القانوني للضفة الغربية والقدس الشرقية، وللاعتراف بدولة فلسطين.
ليس بوسع أوباما أن يضغط على إسرائيل بشكل قويّ دون أن يكون لذلك تبعات على الصورة التي سيتركها في التاريخ بعد سنين.
ربما كان أوباما يعرف أنه بقطع النظر على الضغط الذي سيسلّطه على إسرائيل، فإن هذه الأخيرة ليست معنيّة بأي توافق حقيقي مع الفلسطينيين.
فإسرائيل لديها كلّ ما تريده: السيطرة على كل فلسطين التاريخية، آلاف ملايين الدولارات من التمويل الأمريكي المرتهن باستمرار حالة النزاع، ترسانة نووية تجعل منها أحد أكبر القوى العسكرية وأكبر تهديد في منطقة الشرق الأوسط.
أمّا سياسيا، فمن الواضح أن الفلسطينيين غير قادرين على الإقناع بعدالة قضيتهم في ظل غياب الفاعلية لزعاماتهم السياسية.
أو ربما كانت زيارة أوباما لإسرائيل هي الحجّ للأراضي المقدّسة، والصلاة في كنيسة الميلاد، لإقناع الأمريكيين أنه مسيحيّ حقيقيّ.
ولكن المسيحي الحقيقيّ عليه أن ينصر العدل وأن يدافع عن حقوق الفلسطينيين. وفي هذا الخصوص، قد يكون أوباما مسيحيّا ناقصا.
راي حنانيه كاتب صحفي متحصل على جوائز عديدة. اتصلوا به على العنوان: www.TheMediaOasis.com
Categories: Arabic, Middle East Topics
Leave a Reply