أفلام هوليود، الجبهة التي لم نفتحها بعد

أفلام هوليود، الجبهة التي لم نفتحها بعد

A very special Oscar night

بقلم راي حنانيه

 منذ نشأتي الأولى في أمريكا، هذا البلد المعادي للعرب، أستذكر كيف أن كل الأفلام السينمائية المتعلقة بالشرق الأوسط تصوّر العرب على أنهم الأشرار، والاسرائيليين على أنهم الأبطال.

أية شخصية إرهابية في مثل تلك الأفلام كانت لها ملامح شبيهة بأقاربي، وهذا ليس رأيي منفردا بل يشاطرني فيه كل أصدقائي الأمريكيين.

ولكننا لاحظنا في السنوات الأخيرة بعض التغيير في أفلام هوليود، حيث أن بعضها حاولت تصوير العرب بشكل أقرب إلى الحقيقة وأكثر إيجابية.

ولكن عدد تلك الأفلام لم يكن كافيا. وما زلت أنتظر ذلك المؤلف الفتيّ والذكيّ الذي سيكتب النسخة العربية لرواية ليون أوريس الشهيرة – ذات السمعة الطيبة أو السيئة – والتي تحوّلت إلى فيلم سينمائي بعنوان “الهجرة” والتي كان بطلها الممثل الأمريكي اليهودي بول نيومان.

هذا العام، رأينا مرة أخرى بعض تلك المجهودات في مجال السينما، لكسر تلك الصورة النمطية السائدة، في مسابقة جوائز أكاديمية السينما التي تعطي جوائز “الأوسكار”. هذه الجائزة لها وزن كبير، حيث تدفع الفلم الحائز عليها نحو المزيد من الشهرة والانتشار وتضاعف أعداد المشاهدين له.

حتى أن مجرد وصول الفيلم لنهائيات المسابقة مع أفلام أخرى في حدّ ذاته جدير برفع أعداد المشاهدين لذلك الفيلم ورفعه من دائرة الظلام إلى دائرة النجاح. وأنا لا أقيس النجاح بالنظر إلى العائدات المالية التي يكتسبها الفلم بقدر ما أقيسها بعدد المشاهدين لذلك الفيلم.

لقد كان فيلم “الهجرة” مُقنعا إلى حدّ مّا، وهو يُظهر قصّة إنسانية، قصة الاسرائيليين المساكين ضحايا المحرقة النازية في رحلة البحث على ملجئ يأويهم من ظلم الكراهية ومعاداة السامية. وقد صوّرهم الفيلم على أنهم مناضلون من أجل قضية عادلة.

وكانوا يواجهون عدوّا مخيفا، وهم العرب، الذين وقع تصويرهم حسب صور نمطية كاريكاتورية فضيعة.

وقد تمكّن فيلم “الهجرة” بمفرده من ترسيخ نظرة الجمهور الأمريكي والغربي للنزاع العربي الاسرائيلي، التي تنظر للإسرائيليين على أنهم “الطيّبون” والعرب على أنهم “الأشرار”. وهذه بالطبع صورة غير دقيقة ولا تزال سائدة إلى يومنا هذا مع تعاقب الأجيال.

وفي مسابقة هذا العام، تنافس فيلمان في صنف الأفلام التوثيقية وهما “5 كاميرات مكسورة” وهو فيلم وثائقي من إنتاج مزارع فلسطيني اسمه عماد برناط، وهو من قرية بلعين. والفيلم الثاني وعنوانه “حارس البوابة” حول جهاز الأمن السرّي الاسرائيلي شين بات. لم يفز أيّ من الفيلمين، وفاز في المقابل فيلم حول موسيقار من مدينة ديترويت الأمريكية، اختفى ولكنه ترك جمهورا من المتتبعين في جنوب إفريقيا، والفيلم بعنوان “البحث عن شوجرمان”.

وكان عماد برناط قد اشترى آلة كاميرا لتصوير ولادة ابنه سنة 2005، ولكنه سرعان ما اكتشف قوّة الفلم المصوّر وبدأ عندها بتوثيق القمع الاسرائيلي بالصورة. وقد قام بتصوير بناء جدار الفصل العنصري الذي تستخدمه إسرائيل للعزل  المتساكنين الفلسطينيين المدنيين عن الأراضي وآبار المياه الواقعة في أراضي الضفة الغربية المحتلة.

وسرعان ما وجد نفسه يصوّر العنف الذي يمارس ضده وضد عائلته وسكان قريته، من طرف الجيش الاسرائيلي والمستوطنين الارهابيين الذين يسعون للتنقية العرقية والدينية للضفة الغربية، وطرد الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين.

ولم يتسنّ لي مشاهدة هذا الفيلم بعد، ولكني آمل أن أتمكّن من اقتناء نسخة منه، لمشاهدة هذه القصة الحقيقية المؤثرة.

ولا أتوقع أن يقع بث هذا الفيلم الوثائقي في قاعات السينما الأمريكية، مثلما رُوّج لفيلم “الهجرة” في الستينات من القرن الماضي. أعرف أنني سأكتفي بمشاهدته على قرص دي في دي ، أو ربما على قرص بلو راي، الأقل انتشارا.

ولكنني كنت أتمنى أن يحوز هذا الفيلم على جائزة الأوسكار، لأن الأوسكار يعطي للفيلم دفعا قويا من ناحية الإشهار وينشر قصة الفيلم بين المشاهدين والجماهير الأمريكية والغربية، والذين يفتقرون لرؤية تصوّر لهم حقيقة ما تفعله إسرائيل بالفلسطينيين بشكل يومي.

ويستند فيلم “حراس البوابة” على مقابلات مع قيادات سابقة لأجهزة المخابرات الاسرائيلية المسماة الشين بات، والتي تشبه إلى حدّ كبير جهاز الساباك الذي كان يعتمده شاه إيران. وهو جهاز بوليسي سرّي يعتمد العنف الشديد ويعتقل ويعنّف ويغتال كل معارض فلسطيني يحاول أن يقف في وجه الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على مدى السنوات.

ومن خلال ما قرأت، يتّضح لي أن قيادات الشين بات تستعيد ضمائرها بعد مغادرة مواقع اتخاذ القرار. أليس ذلك صحيحا دائما مع القيادات الاسرائيلية؟ فعندما يكونون في موقع السلطة وأمامهم فرصة فعل الخير لا يفعلونه. وحالما يخرجون من السلطة يراجعون أعمالهم الاجرامية، وتنخز ضمائرهم ما تبقى عندهم من أخلاق.

وتبدوا هذه فكرة جيدة لإنتاج فيلم وثائقي.

ولكن مع الأسف، تبقى الأفلام التوثيقية التي تسعى لإظهار الحقائق والوقائع غير منتشرة بين الجمهور بنفس قدر انتشار تلك الأفلام الخيالية مثل فيلم “الهجرة” والتي تنطلق من بعض الحقائق الجزئية لتنسج شبكة من الأكاذيب والافتراءات والأساطير التي تنتشر وتستمر لوقت طويل.

مع ذلك، فهذه بداية طيبة. ولكن بعد ستة عقود من “البدايات” غير المثمرة، لا زلتُ في أعماق نفسي أتمنى أن يقوم أحد في العالم العربي وأن يفهم القدرة الحقيقية للتواصل كسلاح لنشر الحقيقة، وهو سلاح أحدّ من السيف في قدرته على تغيير عقول الأعداء وتنوير الجماهير الجاهلة.

ربما يستطيع أحدهم أن ينتج فيلما حول هذا الموضوع.

راي حنانيه كاتب صحفي متحصل على جوائز عديدة. اتصلوا به على العنوان: www.TheMediaOasis.com



Categories: Arabic, Middle East Topics

Tags: , , , , , , , , , , , , , , , , , , , ,

Leave a Reply

Please log in using one of these methods to post your comment:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

%d bloggers like this: