وحده توازن القوة قادر على إجبار إسرائيل على قبول السلام

وحده توازن القوة قادر على إجبار إسرائيل على قبول السلام

بقلم راي حنانيه

Only a balance of power can force Israel to make peace

لقد كانت حرب 1967 بين إسرائيل والعرب أحد أكثر الأحداث التاريخية إهانة للعرب. ففي أقل من ستة أيام، تمكنت إسرائيل من فضح الخطاب الأجوف والكاذب للقادة العرب آنذاك.

وبعد ستة أعوام عن تلك الهزيمة، هاجم العالم العربي إسرائيل. ورغم أنهم فشلوا في استرداد فلسطين، فإنهم على الأقل تمكنوا من استعادة هيبة العرب. فقد أظهروا أنه رغم تفوق إسرائيل العسكري، فإنهم قادرون على هزيمتها.

في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1973، استمرت حرب العرب ضد وحشية إسرائيل 20 يوما.

أرسل الدكتاتور العسكري المصري أنور السادات رسالة صادقة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها، الإرهابي الأسبق والقاتل مناحيم بيجين، مُقدّما الاعتراف بإسرائيل باسم العالم العربي بأكمله ولكن بشرط واحد، وهو أن تُعيد إسرائيل الأراضي التي احتلتها في حرب 1967.

كان طلبا بسيطا، يمثل الأساس الوحيد الذي من شأنه أن يجلب السلام الحقيقي. ولكن بيجين، وكل من خلفه من بعده تقريبا تلاعبوا بالسلام، شوّهوا الوقائع وتوخوا الكذب في عملية السلام. وبدل أن تنسحب إسرائيل من الأراضي المحتلة، رأينا كيف أن إسرائيل وسّعت من سيطرتها على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

أما اليوم، وبعد مرور 40 عاما عن تلك الحرب، تلاشت هيبة العرب مرة أخرى. واستغل الزعماء الإسرائيليون مشاريع السلام. وبدلا عن الدبلوماسية، وكنتيجة مباشرة لرفض إسرائيل الجوهري للحقوق العربية وخصوصا منها حقوق الفلسطينيين، سيطر المتطرفون على مصير الشرق الأوسط من خلال الإرهاب والتفجيرات الانتحارية الشنيعة واستهداف المدنيين.

وإذ نتذكر بحنين بالغ نخوة تلك اللحظة التاريخية، فإنه علينا أن نستخلص درسا واحدا، مفاده أن إسرائيل لا تستجيب لدعوات السلام إلا إذا كانت موازين القوى بينها وبين العرب متعادلة.

ورغم أن السادات فشل في تحقيق السلام نتيجة الخداع الاسرائيلي، فقد قدّم هجومه العسكري الدليل على أن العرب قادرون على مواجهة إسرائيل في ساحة القتال.

لقد أظهر السادات أنه ربما نحتاج إلى المزيد من الحروب، ولكن نصرا عربيا واحدا على إسرائيل سيفرض عليها التسليم بالحقوق المشروعة للفلسطينيين واستعادة أراضيهم.

لهذا السبب فشلت كل محاولات السلام منذ ذلك الحين.

لقد توخى مناحيم بيجين وكل من جاؤوا بعده تقريبا سياسة الخداع السياسي. ورغم أن بيجين لعب لعبة السلام مع السادات، إلا أنه كان ماكرا حيث تبيّن أن سعيه للسلام كان يهدف فقط لإدخال الفُرقة والانقسام بين العرب.

وقد كان بيجين مؤسس أول منظمة إرهابية في الشرق الأوسط، فجّرت المدنيين وأخذت الرهائن وقتلت المساجين الأبرياء بالدم البارد. وهو كان مصرّا أيضا أنه لن يقبل أبدا بفكرة السلام مع الفلسطينيين.

لقد بيجين مستعدّا لتسليم سيناء وربما أيضا مرتفعات الجولان، ولكن حالما وقّعت إسرائيل معاهدة السلام مع مصر، لم يكن هناك حاجة لإحلال السلام مع سورية، التي كان يحكمها ديكتاتور أكثر وحشية وهو نظام الأسد.

كانت حرب أكتوبر انتصارا للأخلاق والمبادئ والعدالة. لم يهاجم العرب إسرائيل من أجل تدميرها، كما كانت تزعم الدعاية الاسرائيلية  والاعلام الغربي المنحاز. لكن العرب هاجموا إسرائيل من أجل تحقيق هدف واحد وهو استعادة الأراضي التي سرقتها إسرائيل في 1967.

قد تكون الحقيقة مرّة، ولكنها يجب أن تُقال. لقد سرقت إسرائيل الكثير من الأراضي العربية منذ تأسيسها سنة 1948، وفي 1956 وبعدها في 1967.

في العام 1948، كان موقف العالم مجانب للعدالة من خلال تقسيم فلسطين إلى سبعة مناطق متقاطعة ومتداخلة بشكل مُضحك، منها ثلاثة لليهود وثلاثة للعرب بينما تبقى القدس “منطقة دولية”.

ولكن حتى قبل قرار التقسيم، كانت الميليشيات الارهابية الاسرائيلية قد هاجمت الكثير من القرى العربية وهجّرت سكانها المسيحيين والمسلمين.

وقد تعرّض أكثر من 700 ألف لاجئ مدني إلى التهجير القسري من بيوتهم تحت تهديد السلاح. وفي سنة 1967، لحقهم أكثر من 600 ألف آخرين بنفس الطريقة.

وبدل أن تسمح إسرائيل للاجئين بالعودة إلى بيوتهم كما تُمليه معاهدة جينيف الرابعة (التي لا تعترف بها إسرائيل)، سلّمت إسرائيل ممتلكات هؤلاء اللاجئين إلى اليهود الوافدين من أروبا ومناطق من العالم العربي، والذين كانت إسرائيل تحثّهم على الاستيطان فيها.

كل ما كان على إسرائيل أن تفعله هو إرجاع الأراضي التي احتلتها سنة 1967، أي 30 % من فلسطين التي تحوي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية. كما كان عليها إرجاع سيناء إلى مصر والجولان إلى سورية.

أعاد بيجين سيناء إلى مصر، ولكن ببراعة بائع السيارات المستعملة، حيث فرض شروطا على الأرض تسحب فعليا كل سيادة مصرية على أرض سيناء.

ووقّعت مصر على معاهدة سلام خاوية لا قيمة لها، سوى أنها مثلت إهانة لمصر. وتلى ذلك معاهدة سلام خاوية لا معنى لها مع الأردن. وبقيت سورية لا حول لها ولا قوة، غير قادة على فعل أي شيء وهي ترزح تحت نير نظام الأسد.

إنها حقيقة مأساة لأن العرب كانوا على استعداد منذ 40 سنة لقبول السلام مع إسرائيل، ولكن هذه الأخيرة اختارت أن تلعب لعبة فرّق تسُد. فرّق العالم العربي واغزو باقي الأرض الفلسطينية.

لقد قال الكثيرون أن إسرائيل كانت قابلة لفكرة السلام لأن بيجين كان رجلا قويا، ولا بدّ من رجل قوي يحقق السلام كي يقبل به الشعب الاسرائيلي. ولكن السبب الحقيقي لقبول السلام هو أن العرب برهنوا أنهم إذا جدّ الجدّ، هو قادرون على مواجهة إسرائيل في ساحة القتال بندّية، ولكنهم اليوم غير قادرين على ذلك.

ولأن العرب لا يقدرون اليوم على مواجهة إسرائيل بندّية في ساحة القتال، فإن إسرائيل عادت إلى سابق عادتها.

عالم عربي موحّد وقويّ هو الوحيد القادر على فرض السلام على إسرائيل. سلام لطالما سعت إسرائيل إلى رفضه.

راي حنانيه كاتب صحفي متحصل على جوائز عديدة. اتصلوا به على موقع www.TheMediaOasis.com . تابعوه على عنوان تويتر @rayhanania



Categories: Arabic

Tags: , , , , , , , , , , , , ,

Leave a Reply

Please log in using one of these methods to post your comment:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

%d bloggers like this: