أوباما لم يتخلّى عن الشرق الأوسط

 أوباما لم يتخلّى عن الشرق الأوسط

بقلم راي حنانيه

Obama not abandoning the Middle East

ألقى الرئيس باراك أوباما للمرّة السادسة الخطاب السنوي المعروف بحالة الاتحاد، يوم الثلاثاء الماضي، تاركا الكثيرين في العالم العربي يتساءلون عن مدى التزامه بالسلام في الشرق الأوسط.

ففي نهاية المطاف، لم يتطرق إلا بشكل مقتضب إلى المواضيع خلال الخطاب المطوّل الذي قارب الساعة. في الشرق الأوسط، غالبا ما يخطب الزعماء لساعات طويلة، فهم يعشقون أصواتهم. ولكن الأمر مختلف في أمريكا.

في عالمنا اليوم يُقاس نجاح خطاب الرئيس بعدد المشاهدين الذين تابعوا الخطاب في التلفزيون. ورغم انتشار تويتر وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، لا يزال التلفزيون يسيطر على الاعلام في أمريكا، رغم ارتفاع عدد التغريدات على التويتر. ويبقى مع ذلك أن خطاب الرئيس والشرق الأوسط لا يقعان في أعلى سلّم اهتمامات الشعب الأمريكي.

فقد حظيت مقابلة كرة قدم أُجريت مؤخرا في نطاق تصفيات البطولة بضعف عدد المشاهدين الذين تابعوا خطاب الرئيس.

فما مدى أهمية الخطاب حينئذ؟ من وجهة نظر سياسات الشرق الأوسط، الخطاب ليس هاما بالمرّة، رغم أنه عندما يذكر أوباما الشرق الأوسط، علينا أن نأخذ ذلك على أنه إشارة إلى أن الرئيس لا يزال يعتقد بأهمية الشرق الأوسط وبأهمية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.

فلا تقلقوا إذا. فالرئيس أوباما لم يتخلّى على الشرق الأوسط ولا على مهمة السلام هناك. مع العلم أن البعض يعتقد أن الرئيس أوباما لم تكن له أية مهمة تُذكر للمنطقة، حيث لديه قضايا أكثر أهمية يتحدث عنها ويوليها اهتمامه.

خلال السنة المنقضية، واجه عددا من التحديات وفشل في الكثير من الجبهات من بينها عدم قدرته على تمرير قانون “إصلاح قوانين الهجرة” أو “مراقبة الأسلحة النارية”، ناهيك عن فضيحة العلاقات العامة التي أعقبت افتتاح الموقع الالكتروني الذي كان من المُفترض أن يساعد الأمريكيين على المشاركة في حجر أساس إدارة أوباما وهو إصلاح برنامج الرعاية الصحية.

دعوني أعطيكم خلفية خطاب أوباما وكيف يرتبط بنفسية الأمريكان، لعلّي أساعدكم على الاطمئنان وعدم القلق لأن أوباما لم يظهر وكأنه دكتاتور من الشرق الأوسط يصبّ جام غضبه في وجه العدو الشرير، أو يتجاهل حاجات شعبه.

منذ تأسيس أمريكا، اعتاد الرؤساء على إلقاء خطاب يُعرف بخطاب “حالة الاتحاد”، في بداية كل عام جديد.

وقد تنوّعت الموضوعات المتطرق إليها وكذلك طول الخطاب، حسب التحديات التي تواجه أمريكا في وقت معيّن، وحسب القدرات الخطابية لكل رئيس.

فقد ألقى الرئيس وارين هاردين أطول خطاب في العام 1910، بلغ 27651 كلمة. بينما ألقى الرئيس الأمريكي الأول جورج واشنطن أقصر خطاب في العام 1790، ولم يتجاوز طوله 1089 كلمة.

أما يوم الثلاثاء الماضي، فقد ألقى الرئيس أوباما خطابه السادس من هذا الصنف، وذلك منذ انتخابه للمرة الأولى في العام 2008، رغم أن خطابه لسنة 2009 كان قد سُمّي “كلمة للكونجرس”. وقد اتّبعت خطابات أوباما شكل خطابات الرئيس بيل كلنتون، بمعدّل 7000 كلمة. بينما كان الرئيس السابق جورج بوش الابن، كما أبوه، لا يطيل كثيرا، ويبقى في معدّل 5000 كلمة.

خطاب بـ7000 كلمة قد يبدو طويلا، ولكن ذلك غير صحيح. فهذا يعادل ثمانية أعمدة في صحيفة بمعدل 900 كلمة لكل عمود. ويحاول كتاب الأعمدة الصحفية من أمثالي أن يطرحوا موضوعا واحدا في كل عمود. ولكن الرؤساء يطرحون مواضيع عديدة.

وقد تطرق خطاب أوباما إلى أكثر من 40 موضوعا أغلبها تتعلق بحالة الاقتصاد والتشغيل والتعليم والهجرة في أمريكا.

وهذه هي المواضيع التي تهم غالبية الشعب الأمريكي. فهم لا يهتمون حقّا بالشرق الأوسط، ولا “بالربيع العربي”، ولا بتطور الديمقراطية على الإطلاق. الشعب الأمريكي له هوس واحد، وهو الخوف من الارهاب، والقصاص من “الارهابيين”، وهذا مفهوم فضفاض.

كما أن أوباما وضع خطا أحمر لجهود إيران للحصول على السلاح النووي. وكان لا بدّ أن يفعل ذ         لك. ويمكن أن نعتبر أن ذلك مثّل نجاحه الحقيقي الوحيد في الشرق الأوسط، إذا ما اعتبرنا أن إيران جزء من الشرق الأوسط.

وقد عرفت إدارة أوباما هزائم كبرى في السياسة الخارجية. فقد فشل أوباما في التوصل إلى اتفاق مع أفغانستان بشأن القوات الأمريكية هناك، وليس هناك من حلّ للحرب الأهلية المستمرة في سوريا. في الواقع، لقد استولى الدكتاتور السوري بشار الأسد على الحوار، من خلال حملة علاقات عامة ماهرة، أكثر من غيره من الزعماء. لقد تمكن الأسد من تخفيض سقف التوقعات التي كانت مقتنعة بسقوطه، منذ انطلاق الثورة في سوريا في 2011. وقد تحدث أوباما عن نجاحات في تحجيم القدرات النووية الايرانية.

ورغم الفشل في تحقيق أية نتائج، يواصل القادة الفلسطينيون والاسرائيليون التنابز بالألقاب، ولكنهم يستمرون في المفاوضات أيضا، مما جعل أوباما يتحدث عن تلك القضية أكثر من أية مرة سابقة.

إليكم بعض النقاط التي يجب التفكر فيها، والتي من شأنها أن تحدّ من القلق من أن الرئيس أوباما غارق في القضايا الداخلية على حساب اهتمامه بقضايا الشرق الأوسط التي تحدث عنها بإسهاب في خطاب القاهرة لسنة 2009.

في خطابات أوباما الستة حول حالة الاتحاد:

أوباما استخدم كلمة “الشرق الأوسط” مرة واحدة في 2012، ومرتين في 2013. ولم يكن قد استخدم العبارة في أي من خطاباته السابقة. كما أن العبارة غابت عن خطابه الأخير، إلا أنه استدرك ذلك في مجالات أخرى.

ذكر أوباما “إسرائيل” مرة واحدة في 2009، ومرة واحدة في 2012، ومرة واحدة في 2013، ومرتين في خطابه الأخير.

أما بخصوص الفلسطينيين، تذكروا أن أوباما يتحدث أمام جلسة مختلطة لغرفتي الكونجرس الأمريكي، الذي هو معروف بعداءه للعرب وعداءه للفلسطينيين وعداءه للسلام.

لقد ذكر أوباما كلمة “الفلسطينيين” مرتين ولأول مرة في خطاب حول حالة الاتحاد. فلم يكن قد نطق بها في 2009 ولا في 2010 ولا 2011 ولا 2012 ولا 2013. ولم ينطق كلمة “العرب” في هذا الخطاب الأخير، ولكنه في خطابات 2010 و2011 و2013 كان قد استخدم عبارة “شبه الجزيرة العربية”.

فهل علينا أن نقلق كعرب؟ لا أعتقد ذلك. بل بالعكس، لأن حضورنا كان أكبر في خطاب تُحسب كلماته كلمة كلمة، لا سيما وأنه خطاب يركز بطبعه على الداخل الأمريكي.

عندما ذكر أوباما كلمة “فلسطينيين” هذه المرة، اعتقدتُ أني رأيته يغمز.

فالحذر كل الحذر واجب، خصوصا وأن اللوبي الاسرائيلي النافذ يراقب كل حركاته وسكناته عن كثب، بينما يبقى اللوبي العربي الضعيف وغير الموجود، في سبات عميق.

راي حنانيه كاتب صحفي متحصل على جوائز عديدة. اتصلوا به على موقع www.TheMediaOasis.com . تابعوه على عنوان تويتر @rayhanania

Enhanced by Zemanta


Categories: Arabic, Middle East Topics

Tags: , , , , , , ,

Leave a Reply

Please log in using one of these methods to post your comment:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

%d bloggers like this: