الاسرائيليون يعملون على التفرقة بين العرب المسيحيين والمسلمين

 الاسرائيليون يعملون على التفرقة بين العرب المسيحيين والمسلمين

بقلم راي حنانيه

Israelis move to divide Christian and Muslims Arabs

كل عام وبمناسبة عيد الفصح يشرع العالم في “التفكير” في العرب المسيحيين.

المسيحيون في الشرق الأوسط بعضهم من العرب وبعضهم من غير العرب. ولكن الجميع يتجاهلهم، بما في ذلك الغرب ذو الأغلبية المسيحية، وهذه مفارقة.

Bethlehem

Bethlehem (Photo credit: Wikipedia)

هذا الأسبوع، ظهرت مسألة المسيحيين العرب مرة أخرى، في سياق سياسي تطغى عليه أجندة اليمين الاسرائيلي والحكومة الاسرائيلية المتطرفة التي يقودها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

صادق الكنيسيت الاسرائيلي وهو البرلمان، على قانون يصنّف العرب المسيحيين على أنهم “أقلية منفصلة” عن العرب المسلمين. وكان يارين ليفين من حزب الليكود هو من اقترح هذا القانون، وهو أحد الزعماء البارزين للتحالف الذي يدعم نتنياهو.

ويصف ليفين هذا القانون على أنه ” خطوة تاريخية هامة من شأنها أن تضفي التوازن على اسرائيل وتقرّبنا أكثر من المسيحيين”.

ولكن دوافع آرائه عنصرية، كما يظهر من تصريحاته التي أدلى بها للإعلام حيث يقول:” أنا أتفادى أن أسميهم (ويقصد المسيحيين العرب) العرب، لأنهم ليسوا كذلك. والمسيحيون هم حلفائنا الطبيعيون وهم يحدثون التوازن المضاد للعرب الذي يسعون إلى تدمير الدولة من الداخل”.

وما يقوله ليفين علنا هو تماما ما يؤمن به الكثير من الاسرائيليين واليهود الأمريكيين اليمينيين، أي أن الاحتلال الاسرائيلي والسياسات الاسرائيلي تُلحق الضرر بالمسيحيين كما بالمسلمين، وهم يخشون أن يُدرك الغرب المسيحي ذلك يوما ما ويفتح أعينه على الحقيقة ويرى إسرائيل على حقيقتها.

ويشير برنامج “60 دقيقة” التابع لمحطة “سي بي أس” أنه في يوم ما، سنستيقظ لنجد أن الأماكن المسيحية المقدسة والمدن مثل بيت لحم، فارغة تماما من المسيحيين، ويسكنها المسلمون واليهود وحدهم، وذلك من جراء تواصل النزاع. (انقر هنا لمشاهدة الحلقة: http://www.cbsnews.com/news/christians-of-the-wholy-land/

الواقع هو أن اسرائيل لا تميز فقط ضدّ المسلمين بل هي تميز أيضا ضد المسيحيين. وهي تصادر الأراضي من المسلمين كما تصادر أراضي المسيحيين. وهي تستخدم العنف ضد المسلمين وضد المسيحيين لفرض الاحتلال. وإسرائيل تسرق الأراضي من المسلمين ومن المسيحيين أمثالي. وهم يفعلون ذلك بأساليب متعددة، منها سياسات الضمّ، ومن خلال العزل والقيود التي تفرضها على غير اليهود.

ومن المفارقة أن العرب يسهلون هذه العملية على إسرائيل. ورغم أن النشطاء العرب يصرخون ويولولون دون جدوى كعادتهم، ويقولون إن هذا القانون هو عنصري وخاطئ، إلا أنهم هم أنفسهم يميزون ضد المسيحيين العرب.

وكعربي مسيحي، أنا أتعرض للتشهير والتهجم والشتم على المواقع الالكترونية وفي المحافل العامة وحتى داخل اسرائيل وفلسطين من طرف عرب مسلمين متشددين يرفضون صوتي المعتدل والمتعقل. والواقع هو أنهم في قرارة أنفسهم يحقدون على المسيحيين بنفس مقدار حقدهم على اليهود. ومن بين هؤلاء اخرس، وكابوب فيست، والجمعية الاسلامية الفلسطينية والانتفاضة الالكترونية، الذين لا يتوقفون على مهاجمتي لأنني عربي مسيحي. بل أكثر من   ذلك، لأن زوجتي يهودية. ولكنهم يُنكرون أفعالهم تماما كما يُنكر ليفين أنه يستغل الديانة المسيحية لأغراض سياسية. والكثير من المجموعات الاسلامية والاسرائيلية تهمش المسيحيين العرب الذي يدعمون التفاهم على أساس حل الدولتين.

والأسوأ من هذا كله هو أن المسلمين المعتدلين يسكتون ويرفضون مواجهة هؤلاء المتطرفين الدينيين.

أما أنا فأكاد أتبنى فكرة ليفين بأن اسرائيل تحمي المسيحيين، غير أني لا أثق في أن اسرائيل يهمها مصير المسيحيين إطلاقا. لقد عاملت اسرائيل ابناء أسرتي من المسيحيين بنفس القوانين الظالمة التي تعامل بها المسلمين.

والحقيقة الوحيدة في الشرق الأوسط اليوم هي أن المسيحيين يتعرضون إلى القمع من جميع الأطراف. إسرائيل والدول العربية واليهود والمسلمين. المسيحيون العرب يهربون. لقد تقلص عدد المسيحيين في اسرائيل وفي الضفة الغربية المحتلة، بشكل كبير، وانخفض نسبتهم من 12 بالمائة إلى أكثر بقليل من 2 بالمائة من مجمل السكان.

ولكن المسيحيين العرب يتعرضون للاستهداف من طرف المتشددين الدينيين الاسلاميين في الضفة الغربية وفي العالم العربي. ويتواصل استهداف مدينة الطيبة، وهي المدينة الفلسطينية الوحيدة التي يسكنها مسيحيون فقط. وعلى مدى السنوات الماضية، أُحرقت سيارة العمدة، وتعرض المسيحيون هناك إلى الاعتداء. والسبب المزعوم هو أن المدينة تُنتج شراب الجعة، وهي الجعة الفلسطينية الوحيدة والتي تسمى جعة طيبة، وهو الأمر الذي يعتبره المتطرفون الاسلاميون “حراما”.

ويرفض المسلمون المعتدلون الوقوف إلى جانب المسيحيين العرب ضد المتطرفين الذين يهاجمون أي شكل من أشكال الاحتفال العام بالطقوس المسيحية، أو بطريقة العيش المسيحية، مثل الرقص والاحتفالات العامة. وفي شهر رمضان، يُطلب من المسيحيين أن يتقيدوا بنمط عيش المسلمين، كأن يصوموا مثلا، أو على الأقل أن يتفادوا الطعام في العلن.

يرفض الاسرائيليون أن يسمحوا لي بوضع يدى على أراضي عائلتي المتاخمة لمستوطنة غيلو  غير القانونية في الضفة الغربية. وفي الوقت ذاته، يسعى بعض المسلمين من قرية مجاورة أن ينتزعوا الارض من عائلتي بتعلة أننا مسيحيون. وقد رفض مختار القرية أن يتحدث معي عن وضعية تلك الأرض، رغم أن عائلتي سمحت للأهالي أن يجمعوا الزيتون منذ العام 1967، من شجر الزيتون المغروس في تلك الارض والبالغ عددها 160 شجرة. وتبلغ مساحة تلك الأرض 33.5 دونم، أي ما يقارب 8 هكتارات.

أما أن زوجتي يهودية فهذا لا يعني شيئا بالنسبة للإسرائيليين. وأما أنني أنا فلسطيني مسيحي فهذا لا يعني شيئا بالنسبة للمسلمين. فكلا الطرفان يطمع في الارض الطيبة ولنفس الأسباب الدينية.

كما أن كلا الطرفان يكره فكرة أن المسيحيين العرب هم عرب بالثقافة، حتى وإن لم يكونوا عربا بالتاريخ الانجيلي. ويسوع المسيح، وهو أول المسيحيين، كان يهوديا. وعلى مدى القرون التالية، اعتنق المسيحية كثير من اليهود والوثنيين وحتى من المسلمين، بعد ظهور الاسلام في القرن السابع. بيت لحم، وهي مهد المسيحية، تعيش حصارا خانقا من الاحتلال العسكري الاسرائيلي. كما أن الأماكن المقدسة المسيحية تقع تحت الحصار الاسرائيلي، كما كانت تحت الحصار الاسلامي.

وليس هناك فرق بين الطرفين. المسلمون يريدون إلغاء المشكلة، بينما تريد إسرائيل استغلال المشكلة.

راي حنانيه كاتب صحفي متحصل على جوائز عديدة، ومدير تحرير The Arab Daily News  الالكترونية. اتصلوا به على موقع www.TheArabDailyNews.com

Enhanced by Zemanta


Categories: Arabic

Tags: , , , , , , ,

Leave a Reply

Please log in using one of these methods to post your comment:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

%d bloggers like this: