تضييقات انتخابية جديدة تستهدف أحزاب الأقليات الاسرائيلية
بقلم راي حنانيه
Israel minorities targeted by new election restrictions
سنّت إسرائيل خلال الأسبوع المنصرم قانونا آخر يهدف إلى المزيد من منع اليهود الأولترا أرثودوكس وغير اليهود من التمثيل في الكنيسيت أو البرلمان الاسرائيلي. وجاء رد فعل العرب كما هو متوقع منهم، بمنطق كل شيء أو لا شيء.
ورغم أن إسرائيل تسعى إلى قمع غير اليهود، يبقى العائق الحقيقي أمام التمكين السياسي للعرب هو القيادات العربية في إسرائيل، الذين ينادون بعدم المشاركة حتى يتسنى لهم التذمر بأنهم لا صوت لهم. ويطالب العرب “بكل شيء أو لا شيء”، ويجدون أنفسهم دائما تقريبا “بلا شيء”.
عندما يحصلون على “لا شيء” يكون من السهل بالنسبة للقيادات العربية في إسرائيل أن يحوّلوا ذلك إلى ذريعة لإشعال فتيل المشاعر والغضب العربي. أما الحصول على “أقل من الكل” أو ما يعتبرونه “الكل” فذلك من شأنه أن يلقي الكرة في مرمى العرب. بالتالي تصبح “لا شيء” هي الخيار الأفضل “للنخوة العربية”. فهم قادرون على التعايش مع الغضب ولكنهم غير قادرين على قبول التفاهم.
هذا داء عربي شائع لم يستطع العرب معالجته، في حين أن الاسرائيليين يُبدعون في استخدامه لمصلحتهم ولتحقيق أهدافهم.
وتستخدم إسرائيل نظاما انتخابيا غير عادي يصفونه بما يسمى “ديمقراطية”. ويعتمد هذا النظام على “التمثيل النسبي” الذي يقتضي أن تضع الأحزاب مرشحيها في “قوائم انتخابية”. وللفوز بمقعد من المقاعد الـ120 في الكنيسيت، يجب على الأحزاب السياسية المعترف بها في إسرائيل أن تحصل على حدّ أدنى من الأصوات.
وعملت إسرائيل على رفع ذلك الحد الأدنى من نسبة 1 في المائة سنة 1948 إلى 1.5 في المائة سنة 1988. ثم ارتفعت النسبة إلى 2 في المائة سنة 2003، في حين أن الاقتراح الجديد يرمي إلى رفع النسبة إلى 3.25 في المائة.
إذا تجاوزت القائمة النسبة الدنيا، فإن النسبة المئوية الإجمالية تُحتسب حينها لتحديد عدد المقاعد التي سيشغلها المرشحون في تلك القائمة.
في العام 2013 على سبيل المثال، كان عدد الناخبين في الانتخابات التشريعية 3,833,646. وكل قائمة حزبية حصلت على أكثر من 2 في المائة من الأصوات وقع اعتبارها مرشحة للحصول على مقاعد. ثم يقع تقسيم عدد الاصوات الاجمالي على مجموع 120 مقعدا. وفي العام 2013، حصل كل 29,366 صوتا على مقعد في البرلمان.
وكان حزب الليكود إسرائيل بيتنا المتطرف بزعامة بنيامين نتنياهو قد فاز بـ885,054 صوتا، أو ما يعادل 23.34 في المائة من مجمل الأصوات، وهو ما أعطاهم 31 مقعدا، استنادا إلى عملية رياضية، توزع عدد الأصوات الاجمالي على عدد 120 مقعدا. (ومن مجمل الأصوات المعتمدة في انتخابات العام 2013، ذهبت عدد 309,000 إلى أحزاب لم تحصل على الحد الأدنى. ويبقى بإمكان تلك الأحزاب أن تحوّل تلك الأصوات إلى أحزاب أخرى حصلت على الحد الأدنى).
وقد وقع اعتماد الحد الأدنى الجديد وهو 3.25 في المائة ب67 صوتا مقابل 0، مع امتناع 53 نائبا عن التصويت احتجاجا على مشروع القانون. ويأتي رفع الحد الأدنى كردّ على تزايد أعداد غير اليهود الذين يشهدون نموا ديمغرافيا أكبر من نمو اليهود في إسرائيل.
وفي انتخابات الكنيسيت في العام 2013 فازت أحزاب محسوبة على الأقلية العربية وهي حزب الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة وحزب بلد ب2.99 في المائة و2.56 في المائة بالتوالي، ما يعني أن الأول حصل على 4 مقاعد وحصل الثاني على 3 مقاعد. أما حزب كاديما الأولترا ليبرالي فقد فاز بنسبة 2.09 بالمائة أي بمقعدين.
أما حسب القانون الجديد، لن يحصل أيّ من الأحزاب الثلاثة على أي مقعد.
والمفارقة أن النظام الاسرائيل يحقق أهدافه لأن أغلب العرب يرفضون التصويت، استجابة للمنطق السيناريو القاتل “كل شيء أو لا شيء”. وكالعادة، نرى العرب يفقؤون أعينهم بأنفسهم نكاية في الآخرين، وهذا منهج يقبله العقل العربي. أي أن الرفض المطلق أفضل من “التفاهم” الذي يُنظر إليه على أنه عار مخزي.
وقد شاهدنا هذه العقلية العربية بشكل جلي مؤخرا خلال الانتخابات البلدية في إسرائيل، حيث حاول السيد فؤاد سليمان وهو عربي، أن يحصل على منصب عمدة القدس التي يزعم العرب أنها مقدسة حسب دياناتهم المسلمة والمسيحية. رغم ذلك فقد فشل العرب في الدفاع عن القدس في نطاق نظام ديمقراطي. والأسوأ من ذلك أنه ترشح على قائمة يهودية لتحالف حزبي الميريتز والعمال.
ومن بين العرب الذين ترشحوا على قوائم يهودية وفازوا بمقاعد في الكنيسيت، السيدة ناديا حيلو التي فازت بمقعد سنة 2006 مع حزب العمال، ثم واجهت عاصفة من النقد اللاذع من طرف “عرب النكبة” الذين تمنعهم الكراهية التي يحملونها من أي قدرة على العقلانية. وعندما أجريت مقابلة مع السيدة نادية حيلو سنة 2007 ، تعرضت أنا بدوري إلى هجوم من العرب المتطرفين الذين يزعمون أن السيدة حيلو هي من انصار “التطبيع”.
وقد طُلب من الناخبين العرب أن يقاطعوا الانتخابات الاسرائيلية، وبالفعل استجاب أغلبهم، مما أدى إلى هزيمتهم. هذه المقاطعة هي بمثابة الترخيص للعمدة اليهودي للقدس بأن يتجاهل كليا السكان العرب لأنهم لم يصوتوا.
هناك 8 ملايين من العرب في إسرائيل، يعني أكثر من 20 في المائة من مجموع السكان. ويتوقع الخبراء أنه إذا شارك العرب بقوة في الانتخابات كما يفعل الأمريكيون السود في الانتخابات الامريكية مثلا، لأمكنهم من الفوز بعشرين مقعدا في الكنيسيت.
ومن داخل قبة البرلمان، يمكن للعشرين مقعدا أن تتحول إلى ورقة ضغط مضادة للمتطرفين الاسرائيليين مثل حزب نتنياهو العنصري، ويمكنهم أيضا من تكوين جبهة تكون أكثر لبرالية ومنفتحة على مطالب غير اليهود.
لو كان هناك حزب للأقلية العربية يحتل 20 مقعدا، لأمكنه من تغيير القوانين في إسرائيل، وحماية حقوق المواطنين الاسرائيليين من المسيحيين والمسلمين، الذين تُغتصب حقوقهم ويُحجب عنهم التمويل الحكومي.
قد يكون بإمكانهم تغيير وجه إسرائيل وتحويلها إلى ديمقراطية حقيقية.
ولكني أرى، أنه ربما يتعين على العرب أن يغيروا وجههم أولا، قبل أن يفكروا في تحقيق أي نجاح آخر.
وربما يأتي في يوم من الأيام، عربي ذكي وداهية، ملّ الفشل العربي، يتمكن من العمل من داخل المنظومة لتغييرها.
راي حنانيه كاتب صحفي متحصل على جوائز عديدة، ومدير تحرير The Arab Daily News الالكترونية. اتصلوا به على موقع www.TheArabDailyNews.com
Related articles
Categories: Arabic
Leave a Reply