أمريكا تعتمد الكراهية حتى عند إحياء ذكرى حزينة

أمريكا تعتمد الكراهية حتى عند إحياء ذكرى حزينة

بقلم راي حنانيه

America still embraces hate even at its memorials

ككل الأمريكيين توقفتُ هذا الأسبوع لأتذكر حادثة العنف المأساوية التي حصلت خلال سباق المراطون في مدينة بوسطن السنة الماضية، تحديدا في الـ15 من أبريل/نيسان،

Watertown, MA - search for alleged marathon bo...

Watertown, MA – search for alleged marathon bomber, Dzhokhar Tsarnaev (Photo credit: IronHide)

والتي أودت بحياة 3 أشخاص وجرحت 263 آخرين.

ولكني أصبتُ بخيبة كبيرة لأن إحياء الذكرى السنوية في بوسطن للحادث الإرهابي اتّسم بنفس الصفات الأنانية التي لطالما تغلّفت بها أعمال عنف أخرى سابقة. يعني أن إحياء الذكرى استثنى المسلمين والعرب، وكأننا لسنا أمريكيين.

دعوني أقول لكم من المنطلق أنني أمريكي. ويُهينني أن الناس في هذه البلاد يواصلون توجيه غضبهم بشكل نمطي في اتجاه كل من هو عربي أو مسلم.

دعوني أقول لكم أنني على عكس الكثير من الأمريكيين، أنا أدّيت الخدمة العسكرية النشطة في الجيش الأمريكي خلال حرب فيتنام. وكنتُ فخورا بذلك، وبمواصلة السير في خطى أخي وأبي وعمي الذين عملوا كلهم في الجيش الأمريكي.

كان أبي وعمي شاركا في الحرب العالمية الثانية ضد النازية في أروبا، ودافعوا على الحرية تماما مثلما ما فعل غيرهم ممن ارتدى أو لم يرتدي البزة العسكرية.

ورغم ذلك، لا تزال الإهانات تطالهما وتطالني جراء ما تحمله أمريكا من مشاعر الكراهية والثأر.

وصادف أن إرهابيا بوسطن تمارين تزارناييف ودوكار تزارناييف كانا مسلمين، وخلال تخطيطهما للعملية الشنيعة قالا أنهما كانا يدافعان عن الاسلام، وكأن الاسلام اختارهما للدفاع عنه.

والواقع أن انتماء القاتلين للإسلام ليس أمرا مهمّا، لا سيما وأن ما اقترفوه لا يمتّ للإسلام بصلة. كم أنهما ليسا من العرب. رغم ذلك يواصل الأمريكيون تحميل العرب والمسلمين مسؤولية كل عمل عنيف يقدم عليه أي مخبول قادم من الشرق الأوسط أو من بلاد مسلمة. إن عائلة تزارناييف من الشيشان. حيث تعرض السكان المسلمون إلى البطش من الروس.

هما لا يمثلان الاسلام، ولا يمثلان العرب. وبلك تأكيد هما لا يمثلاني، ولا يمثلان العرب لا المسيحيين ولا المسلمين، الذين يتعرضون باستمرار للمضايقات والتشويه في

Watertown, MA - search for alleged marathon bo...

Watertown, MA – search for alleged marathon bomber, Dzhokhar Tsarnaev (Photo credit: IronHide)

الاعلام الاخباري، وعلى ألسن السياسيين الانتهازيين الذين يسعون لاستغلال الكره العنصري المتنامي في أمريكا، وذلك من أجل تحقيق أجندتهم السياسية الخاصة.

ليس لديّ أيّ شك أنه كان بوسعي أن أُنشد النشيد الوطني الأمريكي بقوة ونخوة لا تقل على نخوة أحد، فأنا أمريكي وطنيّ، وربما أكثر وطنية من أي ّ من أولئك الذين وقعت دعوتهم لإلقاء كلمات في مراسم الذكرى.

لقد خاب ظني، ولكني لم أستغرب عدم دعوة أية شخصية مسلمة أو عربية مرموقة لتمثل أولئك الضحايا الآخرين، ضحايا ذلك المفهوم الغامض والفضفاض، مفهوم “الحرب على الارهاب”. لم تحضر أي شخصية عربية أو مسلمة لإلقاء كلمة أو المشاركة أو للتعبير على مشاعرهم الوطنية، وليبرهنوا أنهم هم أيضا “بوسطن القوية”.

قبلها بأسبوع واحد، اعتُقل رجل أبيض ووُجّهت له تهمة قتل أربعة مدنيين أبرياء في مركز أهليّ يهودي في مدينة كانزاس، ولكن لم يجرأ أحد على إدانته على أنه “إرهابي أبيض”، أو “إرهابي مسيحي”. أي أنه فجأة، أصبح الدين المسيحي الذي ينتمي إليه المجرم تفصيلا غير ذي أهمية، حتى وإن كان يعبّر عن فرقة يمينية متطرفة داخل الشريحة الأمريكية الجهادية المسيحية المتشددة.

هو إذا “مختلف” عن المسيحيين ولا يمثل الديانة “المسيحية”. ولكن لسبب من الأسباب، كل المسلمين وحتى كل العرب مسلمين ومسيحيّين، ونقول مرة أخرى، نعم، هناك عرب مسيحيون في أمريكا، يُحمّلون مسؤولية إرهابيّين يزعمان أنهما مسلمان، أقدما على قتل أمريكيين أبرياء بشكل بشع وجبان قبل سنة من الآن.

أريد أن أعرف متى ستعود إلينا أمريكا الحقيقية؟ متى تعود أمريكا التي تهبّ من أجل الدفاع عن العدالة والحرية والانصاف؟

متى يتوقف الأمريكيون عن التظاهر بأنهم يتبنّون الدستور الأمريكي و”طريقة العيش الأمريكية”، ليطبقوا تعاليم ذلك الدستور؟ كفى خطابات وهاتوا الأفعال. لأن ما يفعله الكثير من الأمريكيين ليس ماهية أمريكا.

أنا أمريكي. وقد قدّمتُ لأمريكا أكثر مما قدّم لها الكثيرون بالانخراط في الخدمة العسكرية عندما تلقيتُ نداء الواجب، وحملتُ دمي على كفّي عندما كنت شابا. لم أتردد أبدا. كنت هناك في بزتي العسكرية جاهز للقتال وتطبيق الأوامر.

لقد تعبتُ من تذكير الناس الذين يزعمون أنهم أمريكيون ولكنهم ليسوا كذلك، بأنني أمريكي أكثر مما يمكنهم أن يكونوا على الإطلاق. لأني أؤمن بالعدالة، وأؤمن بالإنصاف. أؤمن أن جنون رجل مّا لا يمثل جمال عرقٍ بأكمله. أنا أرفض العنصرية، وأرفض الكراهية العرقية. أنا أرفض الخوف من الأجانب، وأرفض التمييز.

أنا أتبنى الوطنية الأمريكية الخالصة، التي تعني مساعدة كل أمريكيّ والدفاع عنه، مهما كان عرقه أو دينه أو عقيدته. أضف إلى ذلك أن الوطنية الأمريكية الحقيقية تقتضي أن نقف كلنا جنبا إلى جنب، بقطع النظر عن عرق الارهابيين أو ديانتهم أو عقيدتهم. فالإرهابيون يستحقون منّا أن نجابههم كأمة واحدة.

أنا مسيحيّ، ولكنك إذا أردت اعتباري مسلما، فسأكون فخورا بذلك الاعتبار، تماما كما أفخر بأني أمريكيّ مخلص.

راي حنانيه كاتب صحفي فلسطيني أمريكي متحصل على جوائز عديدة، ومدير تحرير The Arab Daily News  الالكترونية. اتصلوا به على موقعwww.TheArabDailyNews.com

تابعوه على تويتر @RayHanania. وللحصول على المزيد من المعلومات والاطلاع على منشورات المؤلفين ورسامي الكرتون المجتمعين، زوروا موقع : www.creators.com

حقوق النشر محفوظة creators.com 2014

Enhanced by Zemanta


Categories: American politics, Arabic

Tags: , , , , , , , , , , , , , , , , ,

Leave a Reply

Please log in using one of these methods to post your comment:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

%d bloggers like this: