رسالة مفتوحة إلى البابا من فلسطيني مسيحي
بقلم راي حنانيه
Open Letter to Pope Francis from a Christian Palestinian Click here to read English Version
عزيزي البابا فرنسيس. هل أكون صريحا؟
يعتبرك المسيحيون أحد أهم قادتهم المعترف بهم. لست الوحيد، بكل تأكيد، حيث أن المسيحيين منقسمون إلى أصناف تنقسم هي بدورها إلى مجموعات متعددة ومتناحرة.
ولكن المسيحيين الكاثوليك يمثلون أحد أكبر هذه المجموعات في العالم.
ورغم أنني وُلدت مسيحيا أرثوذكسيا ونشأتُ بروتستانتيا، وكفلسطينيّ مسيحيّ، أرى أني بحاجة إلى أن أكتب لك مباشرة.
تقوم إسرائيل بحملة كبيرة لإقناعك بأن المسيحيين يعاملون في إسرائيل بطريقة أفضل مما يعاملون بها في دولة فلسطين غير المعترف بها على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، أو في سائر دول العالم العربي.
ولكني أريد أن أُلفت نظرك إلى بعض الحقائق، بحكم أن والدتي من بيت لحم، وأن يسوع المسيح من أقاربي. (نعم، هذا العالم صغير).
كانت عائلة أمي على مدى أجيال تمتلك ما يقارب 9 دونمات من الأراضي بين مدينتي القدس وغيلو، المستوطنة غير الشرعية المخصصة لليهود دون غيرهم، والتي أُحدثت إبان احتلال اسرائيل العسكري للضفة الغربية في العام 1967.
كان عندنا هناك بيت وبئر جميل أيضا. ولكن عندما شرعت اسرائيل في إنشاء المستوطنة غير الشرعية المسماة غيلو في العام 1973، هدمت البيت والبئر لأننا مسيحيين. وفي عام 1980، ألحقت إسرائيل مستوطنة غيلو إليها مع القدس الشرقية العربية، قاضية بذلك على أية فرصة للسلام. وكان ذلك أيضا شأن قطعة الأرض التابعة لي والمتواجدة في ما يسمى “غيلو شوهرن”.
تزعم إسرائيل أنها تعامل المسيحيين أفضل مما يعاملهم المسلمون في فلسطين وفي غيرها من دول العالم العربي. ولكن هذا ليس صحيحا.
في الواقع، تميّز إسرائيل ضد المسيحيين أمثالي تماما مثلما تميّز ضد المسلمين.
أنا متأكد من ذلك لأنني حاولت استرجاع أرضي، ورغم أنه بحوزتي كل وثائق إثبات الملكية اللازمة، إلا أن عمدة مدينة القدس رفض الاعتراف بأحقية أسرتي في استرجاع أراضيها.
كما ألحقت اسرائيل في السنوات التالية عدد من الأراضي المجاورة لبيت لحم بما فيها جزء كبير من حقل الراعي، الذي سُمّي كما تعلم، على شرف يسوع المسيح، رئيسك وقريبي.
صحيح أن الكثير من المسلمين خاصة منهم المتشددين في الشرق الأوسط وفي مناطق الصراع وفي البلاد المنحازة والمعادية للعرب المسيحيين المسماة أمريكا، وهي “أرض أشباه الأحرار”، كل هؤلاء يميزون ضد العرب المسيحيين. والأسوأ من ذلك أن المسلمين لا يعترفون بذلك التمييز ولا يجرؤون حتى على مناقشته في العلن. وفي الحقيقة يواجه العرب مشاكل كثيرة وكبيرة من بينها عدم قدرتهم على “نشر غسيلهم” أمام الجميع.
بالتالي يوهم المسلمون أنفسهم أن تمييزهم ضد المسيحيين غير موجود. وعندما يجرأ مسيحيّ مثلي على فضح مثل هذه العنصرية ضد المسيحيين، فإني أتعرض للمزيد من التمييز، والتشهير، والتهديد والاقصاء على يد العرب المسلمين والمسيحيين أيضا.
هذا يعني أن المسيحيين لا يعاملون بشكل جيد لا من هذا الطرف ولا من ذاك. لهذا يجب عليك أن تفعل شيئا. يجب أن تطالب علنا من كلا الطرفين أن يتوقفا عن التمييز ضد المسيحيين.
يجب عليك أن تتحرى في زعم إسرائيل أنها تعامل المسيحيين بشكل جيد، وهي مزاعم ليس لها أساس من الصحة سوى عبر الملايين من الدولارات التي تُنفقها في الدعاية. أنا لستُ الفلسطيني المسيحيّ الوحيد الذي تسلب اسرائيل منه حقوقه من خلال قوانينها العنصرية.
كما يجب عليك أيضا أن تتعامل مع التمييز ضد المسيحيين العرب الذي يقترفه المسلمون.
أغلب المسلمين ليسوا معادين للمسيحيين، بل يدعموهم أكثر مما يفعل الاسرائيليون. ولكن الحقيقة هي أن المسلمين يتفادون “نشر غسيلهم”، لذلك، وبدل التصدي للمتشددين الاسلاميين الذين يستهدفون المسيحيين، يدّعون أن هذا التمييز غير موجود أساسا.
فمن هو الأسوأ؟
لست أدري.
لكني أعرف أنه من حقّي أن أسترجع أرضي. ومن حقي أيضا أن أسترجع حقوقي كفلسطيني مسيحيّ، يزعم كل طرف أنه يدعمني أكثر من الطرف الثاني.
وأعرف أيضا أن الفلسطينيين المسيحيين يستحقون الحماية ليس فقط في وجه النشطاء الاسلاميين المتشددين، ولكن أيضا في وجه الحكومة الاسرائيلية المتطرفة. ورغم أن الكثير من المسيحيين ليسوا من الكاثوليك، إلا أنه يجب عليك أن تفعل شيئا.
هل أنت فعلا تنطق نيابة عن الربّ؟ إذا كنت كذلك، فعليك أن تفضح ما تقوم به إسرائيل من تدمير وإزالة الوجود الفلسطيني المسيحي في فلسطين. عليك أن تندد برفض إسرائيل الاعتراف بحق الفلسطينيين في أن تكون لهم دولة.
وعليك أيضا أن تفضح حالة الاحباط السائدة في العالم الاسلامي، من الملوك والمستبدّين وصولا إلى الأئمة والفلاحين في أرياف الهلال الخصيب.
لا شك أن المتطرفين الاسلامين لم يكونوا ليستهدفوا المسيحيين لو كان الزعماء المسلمين يتعاملون مع هذه المسألة بأكثر جدية.
ولكن هذه مسألة مسكوت عنها، ولا يُسمح لأحد أن يثيرها.
أرجو أن تكون قادرا على تغيير ذلك من خلال زيارتك إلى الشرق الاوسط وزيارة المسيحيين الذين شارفوا على الانقراض من أرض ميلاد المسيحية.
راي حنانيه كاتب صحفي فلسطيني أمريكي متحصل على جوائز عديدة، ومدير تحرير The Arab Daily News الالكترونية. اتصلوا به على موقعwww.TheArabDailyNews.com
تابعوه على تويتر @RayHanania.
Categories: Arabic, Chaldean, Middle East Topics
Leave a Reply