تتعرض إسرائيل إلى الانتقاد لأنها تساعد المسيحيين، ولكن ماذا يفعل المسلمون؟
بقلم راي حنانيه
Israel criticized for helping Christians, but what are Muslims doing Click to read English
لا شك أن المسلمين لهم حساسية في موضوع معاملتهم للمسيحيين.
أغلبهم لا يريد أن يتحدث في الأمر إطلاقا، وأكثرهم يغضب إذا ما أثرت الموضوع.
وكعربي مسيحي، ليس لي خيار آخر سوى أن أثير هذا الموضوع، وعليّ أن أطرح الأسئلة الصعبة، مثل السؤال التالي، على سبيل المثال: إذا ما كانت إسرائيل تشعر أنه من الأهمية بمكان أن تعالج التحديات التي تواجه العرب المسيحيين، لماذا لا يشعر المسلمون بمثل ذلك؟
ظني أن إسرائيل تتصل بالفلسطينيين المسيحيين ليس لأن هذا الأمر هو الأمر الصواب، بل لأنها ترغب في مواجهة القلق المتزايد لدى مسيحيي الغرب حول سياسات إسرائيل القمعية تجاه الفلسطينيين المسيحيين.
ولكن أحيانا تكون دوافع فعل الشيء الصواب ليست ذات أهمية، خصوصا عندما يكون الفلسطينيين المسيحيين يعانون ليس فقط على يد إسرائيل، بل يعانون أيضا على يد العالم العربي المسلم.
ويتجاهل المسلمون هذا الموضوع الخطير مجادلين “أن المسلمين والمسيحيين أخوة ومعاناتهم مشتركة”، كما هو الحال في فلسطين حيث “يناضل المسيحيون والمسلمون جنبا إلى جنب للدفاع عن فلسطين”.
أجل، هم يعانون بالتساوي، وهم أيضا يقاومون في صفّ واحد، ولكن الأمر المحزن هو أن ذلك لم يكن له أية تأثيرات إيجابية على معاملة المسلمين للمسيحيين.
وفي الشرق الأوسط اليوم، يتناقص عدد المسيحيين تدريجيا، بينما تزداد أعداد المسلمين واليهود.
ومن أسباب هذه المشكلة أن المسلمين لا يفعلون ما يجب عليهم فعله للدفاع عن المسيحيين العرب الذين يتعرضون للاستهداف على يد المسلمين المتطرفين. وسبب آخر من أسباب هذه المشكلة هي أن المسلمين لا يريدون مواجهة المشكلة، معتقدين أنهم إذا ما تجاهلوا المشكلة فإنها ستختفي من تلقاء نفسها. ولكن المشكلة لن تختفي من تلقاء نفسها. في الأثناء، تُدرك إسرائيل خطورة الموقف وهي تسعى إلى فعل شيء ما، في حين يرفض العالم الاسلامي الاعتراف بالمشكلة وبالتالي لا يسعى إلى فعل أي شيء.
وعندما أكتب عن مظلمة المسحيين وأقول إنهم يتعرضون للاضطهاد ليس فقط من خلال السياسات الاسرائيلية ولكن أيضا على يد المتديّنين الاسلاميين المتطرفين، يجيبني المسلمون بشكل خاص بمحاضرات حول احترام الاسلام للمسيحيين أكثر من غيرهم، وأنه عليّ أن أتوقف عن طرح المسألة.
عندما كنتُ رئيسا للمؤتمر الفلسطيني الأمريكي في عام 1995، هاجمني متطرفون إسلاميون كانوا محسوبين على حركة حماس في غزة وقالوا :”إن انتخاب رئيس مسيحي للمؤتمر الفلسطيني الأمريكي كأنه انتخاب الشعب الأمريكي لرئيس أسود للولايات المتحدة”.
وفعلا، انتخب الأمريكيون رئيسا أسود للولايات المتحدة الامريكية، بعد 13 عاما، في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2008.
لماذا إذا يبقى المسلمون على هذا الموقف الاحترازي عندما نطرح مشكلة اضطهاد المسيحيين؟ لماذا لا يكونوا أكثر تضامنا؟
الخطوة الأولى هي الاعتراف أن التطرف الاسلامي هو مرض سرطاني يهدد الاسلام، الذي هو دين سلام يعبد الالاه “الواحد الاحد” الذي يعبده اليهود والمسيحيين. كلنا إذا أسرة واحدة.
ولكن المتطرفين الاسلاميين ينظرون إلى العرب المسيحيين واليهود والاسرائيليين على أننا كفرة. وهم لا يتوقفون عن مهاجمة العرب المسيحيين، وغالبا، يلزم المسلمون “المعتدلون” الصمت حيال ذلك.
لماذا يلزمون الصمت؟ لأن الكثير من المسلمين الذين يعارضون المتطرفين يعتقدون في قرارة أنفسهم أن العنف المتطرف هو الوحيد الكفيل بإحداث أي تغيير في فلسطين.
فالعنف هو القوة الدافعة الأساسية في الربيع العربي، الذي لم يكن حركة قادها المسيحيون. فقط كنا شركاء في المعاناة، ولكن قيادة الربيع العربي يتزعمها التطرف الاسلامي. لقد أدركنا اليوم أن الربيع العربي قد باء بالفشل. وبدل أن يأتي بالديمقراطية، أدى الربيع العربي إلى المزيد من العذاب والمعاناة، وأتى بمستبدّ جديد بدل المستبد القديم.
ولكي يستمروا في الحياة، يحتاج المسيحيون إلى أصدقاء في الشرق الأوسط. وإذا ما كانت إسرائيل مستعدة لأن تمدّ يدها لمساعدتنا، لستُ متأكدا أنني كعربي مسيحي سأقول لا. يجب علينا أن نستمع إلى اسرائيل ونتفاوض معها لوضع حدّ لممارساتها التمييزية.
إذا كان العرب المسيحيون قادرون على إجبار اسرائيل على تغيير سياساتها تجاههم، ربما كانوا أيضا قادرين على مساعدة اسرائيل على تغيير سياساتها التمييزية ضد المسلمين.
ولكن المشكلة الحقيقية هي أن الاسلام ليس دينا عربيا، حتى وإن كان ظهوره الاول عند العرب. أما اليوم، فإن المسلمين غير العرب يمثلون أغلبية المسلمين في العالم، وغير العرب من المسلمين لهم أولويات مختلفة عن أولويات العرب.
وبدلا عن دعم العرب المسيحيين، يعامل العالم الاسلامي المسيحيين بمنطق الوصاية. فلا يمكن لأي مسيحيّ أن يُنتخب إلى أي منصب إذا لم تخصص الحكومة العربية “مقعدا مسيحيا”، لأن الزعماء العرب يعرفون أن الناخبين المسلمين لن ينتخبوا أبدا مرشحا مسيحيا.
وباستثناء لبنان، أيّ دولة عربية انتخبت رئيسا مسيحيا لها؟
يمكنني أن أقول وأنا متأكد تماما أنه لن تنتخب أية دولة عربية مسلمة رئيسا مسيحيا لها. كما يمكنني أن أجزم أيضا أنه لم يكن هناك على مدى التاريخ أي دكتاتور عربي مسيحي.
هل سيُنصت المسلمون ويسعون إلى التغيير؟ أم أنهم سيغضبون كالعادة، يردون عليّ بغضب وينتقدونني على إثارة الموضوع، مجادلين أنهم يحترمون المسيحيين العرب أكثر من أيّ كان؟
راي حنانيه كاتب صحفي فلسطيني أمريكي متحصل على جوائز عديدة، ومدير تحرير The Arab Daily News الالكترونية. اتصلوا به على موقعwww.TheArabDailyNews.com
تابعوه على تويتر @RayHanania.
Leave a Reply