الاسرائيليون والفلسطينيون تنقصهم قيادة قادرة على إنهاء دوامة العنف

 

الاسرائيليون والفلسطينيون تنقصهم قيادة قادرة على إنهاء دوامة العنف

 

بقلم راي حنانيه

 

Israelis and Palestinians lack leadership to end cycle of violence

Stop Israeli Terror

Stop Israeli Terror (Photo credit: tsweden)

 

عثر الجنود الاسرائيليون على جثث ثلاثة من الشباب الاسرائيليين يُعتقد أنهم كانوا قد اختطفوا من طرف حماس، المنظمة الارهابية التي سعت بكل جهدها لمنع السلام وتقويض القيادة الفلسطينية المعتدلة وتدمير إسرائيل.

 

ومن المؤسف أن لا أحد سينظر إلى هذا الحدث على أنه مأساة انسانية واغتيال لثلاثة فتية مراهقين، بل ستحوّل المسألة إلى ذخيرة سياسية يستخدمها كل من الاسرائيليين والفلسطينيين ضد بعضهم البعض.

 

وها قد انطلقت الاصوات المتطرفة في اسرائيل مطالبة ليس فقط بمعاقبة المسؤولين عن الجريمة بل بأن يشمل العقاب كامل الشعب الفلسطيني خصوصا القيادة ما وراء حماس.

 

وتضرب الحكومة الاسرائيلية بقوة كل المتطرفين المعادين لحل الدولتين، مما يسهّل على الجميع استغلال العنف لتقويض السلام وإشعال نار الكراهية وإدامة النزاع.

 

ولكن المتطرفين الاسرائيليين لا يُحاسبون على أفعالهم. وستجد أعمالهم الثأرية تبريرات في إطار الصورة المنحازة وغير المتوازنة التي ينظر بها الغرب إلى النزاع في الشرق الأوسط.

 

وبشكل لا يقل شراسة، ها قد انطلق المتطرفون الفلسطينيون في ردهم على اكتشاف جثث الصبية الاسرائيليين الثلاثة مجادلين أن الاسرائيليين يقتلون المدنيين الفلسطينيين باستمرار ولا أحد يكترث. يقولون أن النفس الفلسطينية لا قيمة لها في نظر الغاضبين الذين يطالبون اليوم بالدم العربي ثأرا لمقتل الفتية الاسرائيليين الأبرياء الثلاثة.

 

أما الرد الصحيح فوجوده نادر في الشرق الأوسط، الذي تطغى عليه الكراهية الشرسة والتطرف الذي يقوده المتدينون المتشددون. والرد الصحيح هو أن ننظر إلى الجريمة على أنها جريمة بشعة. هي جريمة شنيعة ويتوجب معاقبة مقترفيها.

 

يجب أن يكون هناك تحقيق جنائي في الجريمة ينظر في الوقائع والقرائن ومن ثمة يحقق العدالة.

 

ولكن الأمور لن تسير بهذا الشكل.

 

الضحايا الثلاثة هم أطفال. وهم ايال يفراش وعمره 19، وجلعاد شعار وعمره 16 ونفتالي فرنكل وعمره 16. وهذا الأخير يحمل الجنسيتين الاسرائيلية والامريكية، وهذا أمر يتمتع به الكثير من الاسرائيليين، ولكن الأمر سيقع استخدامه بشكل كبير في أمريكا، رغم أن الضحايا الأمريكيين للعنف الاسرائيلي يقع تجاهلهم باستمرار.

 

في الحقيقة يلتحق يفراش وشعار وفرنكل بمجموعة كبيرة ومتنامية من الضحايا المقتولين بشكل بشع كنتيجة للنزاع الفلسطيني الاسرائيلي. وبدل أن يقع استغلال حالة الغضب بشكل إيجابي للمساعدة على حل النزاع، فإن العنف سيزيد في شهية العرب والاسرائيليين للثأر الذي لا يمكن إلا أن يجلب المزيد من البشاعات لكلى الطرفين.

 

سيكون الرد متوقعا. ستبدأ اسرائيل حملة اعتقالات عملاقة بالاعتماد على حالة الغضب الذي تلى جرائم القتل البشعة وذلك لتبرير الثأر من أعداءها العرب. سوف يستهدفون ويقتلون الفلسطينيين من أتباع حماس، والكثيرون منهم ذنبهم الوحيد هو أنهم غاضبون، أيضا القيادات غير الكفؤة. وأغلبهم لم يكن لهم أي ضلوع في جرائم القتل.

 

ولكن بيئة الغضب ستُغذي جذوتها القيادات اليمينية الاسرائيلية التي تضيع فرصة لاستغلال مأساة أيّ كانت لمصالحهم الخاصة، والتي من بينها طرد المسيحيين والمسلمين العرب من اسرائيل ومن الاراضي التي احتلتها اسرائيل بغرض منع قيام دولة فلسطينية.

 

والقيادة الفلسطينية هي نفسها غير كفؤة ولا قيمة لها. ليس لديهم أي شعور بالفكر الاستراتيجي. وهم غير قادرون على القيادة لأنهم يخشون من المتطرفين، الذين هم مجموعة صغيرة ولكنها صاخبة، والتي تنمو وتترعرع في مجتمعاتهم. وحتى أكثر الفلسطينيين اعتدالا من بين القيادات هم جبناء، أعمتهم المعاناة والاحباط والفشل، لأنهم غير قادرون حتى في أكثر اللحظات وعيا، على إيجاد طريقة للخروج من هذا النزاع. هم رهائن عند المتطرفين الذين ينشطون في مجتمعهم دون محاسبة ولا عقاب.

 

من الأسهل على القيادات الفلسطينية أن يُرضوا المتطرفين المتدينين والعلمانيين بدل مواجهتهم، و السيطرة عليهم، وإبرام السلام مع اسرائيل. الفلسطينيون غير قادرين على السيطرة على التطرف الذي ينمو كأنه سرطان.

 

إن قتل يفراش وشعار وفرنكل يمكن أن يصبح نقطة تحوّل يجتمع فيها الناس من ذوي النوايا الحسنة والمحبة والمبادئ لتكريم ذكراهم، ليس عن طريق سفك المزيد من الدماء، أو تغذية العداوة الشرسة التي تتسم بها العلاقة الحالية بين الفلسطينيين والاسرائيليين، بل من خلال إطلاق صوت ينادي بوقف دوامة العنف وبجمع الطرفين لأجل إحلال السلام.

 

لا يجوز أبدا استخدام الموت كتبرير للمزيد من القتل أو الدمار. ولكن دائما هذا هو بالضبط ما يحصل. إن الثأر يلحق العار بذكرى هؤلاء الشبان الثلاثة الذين صادف أنهم كانوا اسرائيليين ويهود. أما الميّت القادم فسيكون فلسطينيا ومسلما.

 

سيتواصل العنف في دوامة، تغذيه الكراهية، وتغذيه العداوة، وتغذيه قيادات تنقصهم الشجاعة لسلك طريق الصواب، والذين يضعفون أمام الضغوطات الكبيرة التي تأتيهم من العضب الشعبي والمشاعر الجماعية. ومن يمكن أن يتمالك أعصابه أمام مقتل ثلاثة من الصبية، سواء كانوا إسرائيليين أم فلسطينيين. لسبب ما، هناك غياب تام للتعاطف والتراحم في المأساة التي تجمع الفلسطينيين والاسرائيليين. وما يُسوّق على أنه “عدل” ليس من بين دوافعه العدل إطلاقا، بل يحدده الدين والعنصر البشري الذي تنتمي إلهي الضحية.

 

حتى يتعلم الفلسطينيون والاسرائيليون أن يشعروا بالحزن على ضحايا بعضهم البعض، وليس فقط على ضحاياهم هم، لن يحلّ السلام. بل سيكون هناك المزيد من المآسي.

 

يجب أن يغضب الفلسطينيون أكثر على جريمة قتل الاسرائيليين الثلاثة، ولا يجب أن يكونوا في حالة دفاعية. ويجب على الاسرائيليين أن يغضبوا أكثر للردّ المُرتقب من طرف قيادة حكومتهم. فقط عندما تكون قادرا على التعبير على التعاطف مع ضحايا الطرف الآخر يمكنك أن تجد انسانيتك الحقيقية، وإحلال السلام الحقيقي.

 

اليوم، هم ثلاثة صبية اسرائيليين، أما غدا، فسيكون الضحايا صبية فلسطينيون.

 

راي حنانيه كاتب صحفي فلسطيني أمريكي متحصل على جوائز عديدة، ومدير تحرير The Arab Daily News  الالكترونية. اتصلوا به على موقعwww.TheArabDailyNews.com

 

تابعوه على تويتر @RayHanania.

 

 



Categories: Middle East Topics

Tags: , , , , , , ,

Leave a Reply

Please log in using one of these methods to post your comment:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

%d bloggers like this: