يجب أن يدعو أوباما إلى عقد مؤتمر للسلام بين النشطاء
بقلم راي حنانيه
Peace needs support of activists Obama should convene a conference of moderates
إن أحد الأسباب التي تدفع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن يطلب بإلحاح من المفاوضين الاسرائيليين والفلسطينيين التكتّم على تفاصيل المفاوضات هو غياب حركات داعمة للسلام في الجانبين.
ويُدرك الوزير كيري أن صوت الرافضين من بين الفلسطينيين والاسرائيليين، اليهود والعرب، أعلى وأقوى وأكثر إصرارا من الأصوات الداعمة للسلام.
وبالتالي فإن أي تسريب يخرج من المفاوضات سيقع تأويله بشكل سلبيّ من طرف الرافضين، والذين هم الأغلبية في إسرائيل وبين الفلسطينيين.
أما أولئك الذين يدعمون السلام، فإن لديهم خوف رهيب من معركة التنازلات إلى حدّ يجعل أصواتهم خافتة وغير فعالة وغير مسموعة على الساحة.
وكان يجدر أن تنطلق حركة السلام من العمل الأهلي القواعديّ، ولكن مثل هذه الحركة غير موجودة بين الاسرائيليين والفلسطينيين، عدى فُتات متناثر من بقايا الجهود البائسة.
ولكننا نعلم أن حركة السلام هذه انطلقت من وراء الأبواب المُغلقة للغرف الخلفية للعقلانية السياسية، وتحت دفع إدارة الرئيس باراك أوباما.
وهذا يعني بعبارات أخرى أن محادثات السلام تستند إلى اعتبارات سياسية، ولا تأتي كاستجابة لطلبات الجماهير بوضع حدّ للصراع.
وهذا جيّد وسيّء في الوقت ذاته. فهو سيّء لأنه يعني أن الداعمين القواعديين للسلام في حالة ضعف ووهن، يفتقدون إلى التنظيم والفاعليّة وهم في حالة تخبّط، في حين أن الرافضين يجتمعون حول نقطة واحدة وهي الكراهية.
وتجتمع أغلبية الاسرائيليين المناهضين للسلام حول الكراهية، التي هي دافعهم الوحيد. كما يجتمع العرب أيضا حول الكراهية.
هذا يعني أنه إذا كان يريد أن تنجح عملية السلام، فإن على الرئيس أوباما أن يدفع الفلسطينيين والاسرائيليين نحو قبول فكرة التنازلات التي سترفضها الشعوب حتما لو عُرضت عليهم في استفتاء الآن. هذا إذا اعتبرنا أن الاستفتاء سيكون ديمقراطيا، علما وأن الديمقراطية ليست ديمقراطية لا في إسرائيل ولا في أي دولة عربية أخرى.
وبينما يعالج المفاوضون القضايا الصعبة خلف الأبواب المُغلقة، يجب على الذين يؤمنون حقيقة بالتوافق والسلام أن يغيّروا طريقة عملهم. لقد كانت حركة السلام قوية في وقت مّا، وكانت تسيطر على المشهد. ولكن خلال التسعينات من القرن الماضي، كان من السهل على حفنة من المتطرفين الذين استهدفوا المدنيين الاسرائيليين والفلسطينيين أن يُخرّبوا وأن يُوقفوا عملية السلام.
أما اليوم فحركة السلام ضعيفة. وتعمل كل مجموعة بمُفردها، دون أية علاقة بالمجموعات الاخرى. وفي الواقع، كانت حركة السلام تُخرّب وتُعطّل نفسها بنفسها من خلال مهادنة الرافضين، الذين تحوّلوا من خلال نشر الكراهية إلى أصوات عالية تستقطب الأتباع.
وقد زادت الانترنت من تعقيد المشكلة. ويحظى الكارهون الأكثر تشددا بأكبر الأعداد من الاتباع على حسابات التويتر والفايسبوك. وتعمل الكراهية كمغنطيس. ورغم أن البشر يقولون أنهم يكرهون المأساة، فإن المآسي والكراهية هي التي تجتذب انتباههم.
يعني أن ناشري الكراهية لديهم أتباع من الكارهين مثلهم وأيضا من بين المعتدلين، وهم الذين يقبلون ببعض الحقائق الجوهرية، والتي يحوّلها الكارهون ويُطوّعونها لتبرير رفضهم.
ما يجب أن يحصُل إذا كنتَ ممن يدعمون السلام هو أن تتوقف على دعم الكارهين وتمكينهم، من خلال الاستقالة عن النشاط والاكتفاء بالصمت.
على المعتدلين عن يهبّوا وأن يُسمعوا أصواتهم. عليهم أن يطهّروا أنفسهم من تلك الجمعيات التي تأوي المتطرفين، وأن يدعموا غيرهم من المعتدلين الذين يدافعون عن السلام من خلال التوافق.
وذلك هو الاختبار الحقيقي. السلام المبني على التوافق. لأن السلام يمكن أن يأتي من شيء فضيع مثل الغزو. والغزو هو ما ينادي به الكارهون والمتطرفون. فهم يسعون إلى سحق الطرف الآخر، ولكن ذلك لن يتحقق على الأرض الواقع مطلقا. كل ما يستطيع الكارهون والمتطرفون فعله هو إطالة أمد الصراع ومنع إحلال السلام المبني على التوافق. فالكارهون والمتطرفون يرفضون التوافق أكثر من رفضهم “للعدو”.
فالعُهدة إذا تقع على المعتدلين وعلى الرئيس أوباما والوزير كيري لتوسيع المساحة وإقحام المعتدلين من كل أنحاء العالم، وليس فقط تلك الحفنة التي يحتضنونها في العاصمة واشنطن. فمنظمات مثل الأمريكيين من أجل السلام والمعهد العربي الأمريكي لا تكفيان لتكوين حركة سلام.
يجب على أوباما وكيري أن يتواصلوا مع كل منظمات السلام وأن يجمعوها.
في الحقيقة، قد يكون من الحكمة تنظيم مؤتمر للمعتدلين، واستضافة كل من يدعم السلام إلى العاصمة واشنطن ليتحدثوا عن أولوياتهم ومصالحهم في دعم السلام المبني على التوافق، ووقف دوّامة الموت بين العرب والاسرائيليين.
يجدر بالرئيس أوباما وبالوزير كيري أن ينظما مؤتمر للمعتدلين، وأن يفسحا المجال لكل الأصوات أن تنادي يوضع حد للصراع. عليهم أن يتفاديا فخّ تسليم مثل هذه الحركة في أيدي “من نصّبوا أنفسهم زعماء”، والذين يزعمون أنهم يمثلون المعتدلين بينما هم في الحقيقة لا يمثلون إلا أنفسهم.
وبالنسبة إلى بعض الجماعات الناشطة، لا سيما في المجتمع العربي، تنبني الزعامة على مبدأ “الرئاسة مدى الحياة”. بالتالي فإن أي مجموعة يترأسها نفس الشخص منذ 1993، يجب أن تُعطى دورا محدودا في المؤتمر.
أولئك المعتدلون ليسوا حقيقة معتدلين، بل هم جزء من أسباب فشل عملية السلام.
إن الكارهين والمتطرفين يعتاشون من الصراع. فكلما طال الصراع كان لهم سبب في الوجود. وهم يكسبون من وراء الصراع بجمع الأتباع وإلقاء الخطب في مؤتمرات الكراهية بين الاسرائيليين والفلسطينيين، ويكتبون الكتب ويقدمون محاضرات الكذب والغش ويدعمون الرفض بدل أن يدعموا السلام.
وبعض قيادات المنظمات التي تسمي نفسها “معتدلة” تنتفع هي الأخرى باستمرار الصراع. وقد تحوّلوا إلى مجموعات نافذة “مفضلة” تحظى بانتباه الرئيس أوباما، وتستلم المنافع وحتى الوظائف لأبنائهم داخل دوائر واشنطن. وهم أيضا يكتسبون الشهرة والاعتراف وتنمو ذواتهم التي تسمح لهم بكسب المزيد من القوة لدى قواعدهم الشبيهة بالدكتاتورية.
هؤلاء المعتدلون المفضوحون الذين يدافعون عن مصالحهم الخاصة بكل أنانية، يعلمون أنه سوى تواصل الصراع أو تحقق السلام، فإنهم سيواصلون الانتفاع. يجب أن يزاح هؤلاء جانبا.
ليس هناك حركة سلام حقيقية. الرئيس أوباما والوزير كيري عليهما أن يساعدا في إنشاء حركة سلام تكون جديدة وديمقراطية. حركة سلام تكون قيادتها منتخبة من طرف المجتمع، وليست منصّبة من خلال النفوذ.
وإذا لم يتمكن الرئيس أوباما والوزير كيري من تنشيط حركة سلام صادقة للمعتدلين، ومن تحجيم أصحاب المصالح الأنانية من رؤساء مدى الحياة ممن يسيطرون على الحركة اليوم، فإن عملية السلام ستفشل من جديد.
فلا يجوز أن نلقي اللوم فقط على المتطرفين والكارهين، الذين هم جزء كبير من المشكلة. ولكن هؤلاء لم يكونوا ليصلوا إلى ما وصلوا إليه لولا انعدام الفاعلية وفشل القيادات الأنانية “للمعتدلين” الموجودين على الساحة الآن.
راي حنانيه كاتب صحفي متحصل على جوائز عديدة. اتصلوا به على موقع www.TheMediaOasis.com . تابعوه على عنوان تويتر @rayhanania
Categories: Arabic
Leave a Reply