إيران وإسرائيل وخطر الحرب النووية
بقلم راي حنانيه
Iran, Israel and the threat of nuclear war
إذا ما تعلق الأمر بالأمن العالمي ليس هناك أيّ مجال للشك أن كل الجهود الممكنة يجب أن تُبذل لمنع إيران من صنع السلاح النووي.

This image was selected as a picture of the week on the Malay Wikipedia for the 44th week, 2009. (Photo credit: Wikipedia)
ولكن إيران ليست الوحيدة على هذه اللائحة. ففي مجال السلاح النووي تجتمع إيران وإسرائيل والنفاق تحت عباءة واحدة.
إيران هي دولة مارقة تستخدم ديمقراطية صورية وانتخابات مزوّرة لإعطاء الانطباع بأنها دولة حرية. ويُسمح للإيرانيين الانتخاب واختيار مرشحين يوافق عليهم آية الله، وتكون سلطاتهم محدودة.
وقد صرّح القادة الإيرانيون على الملأ أنهم يدعمون ليس العنف فحسب بل وحتى العنف المفرط بما في ذلك التفجيرات الانتحارية التي ينفذها أطفال صغار يُبعث بهم لتدمير كل شيء بدأ بالسلام في الشرق الأوسط ووصولا لتقويض استقرار دول الجوار بما فيهم سوريا والعراق ولبنان والمنطقة.
وتُمثل إيران تهديدا للمنطقة بأكملها، ولكن قادتها “المنتخبون” يستخدمون الدبلوماسية المنمّقة، ليظهروا للعالم بمظهر المتحضر، وهو ما كان يفتقد إليه زملاءهم مثل صدام حسين.
والرئيس السوري بشار الأسد هو أيضا طاغية من مستخدمي “الدبلوماسية المنمقة”، يسعى إلى الظهور وكأنه من أتقياء القوم، ويلبس البدل الأنيقة باهظة الثمن، متخليا على زيّ فيدال كاسترو العسكري الذي كان الأسد الأب يلبسه، مُتّبعا أسلافه. كما أنه يتبرّج بعقيلته كما كان يفعل الرئيس الأمريكي جون كينيدي بالدفع بزوجته جاكلين كينيدي أمام الأضواء قبل 50 عاما لكسب المزيد من الرصيد السياسي أمام العموم.
ولكن أسماء الأسد ليست جاكلين كينيدي بل هي شريكة في مؤامرة مافيا إجرامية شرق أوسطية، تتبجح بالأموال المنهوبة والقمع.
أما إيران فهي دولة دينية لا تتوخى أسلوب عرض النساء. ولكن تطرف الإيرانيين نظهر في نمط حياة الشعب الإيراني. ففي إيران، يُفرض على النساء طمس معالم شخصيتهن بالتخفي تحت البرقة، التي حالما يقطعن الخليج العربي، الذي يُسمّونهم هم خليج فارس، وهو ما لا أقبله أنا شخصيا، فتراهن يخلعن البرقة ويستبدلنها باللباس الغربي.
لقد رأيت هذا التعبير عن الحرية بأم عينيّ في مطار دبي، حيث كانت الآلاف من النسوة تنزلن من الطائرات الإيرانية، وتُسرعن إلى الحمام النسائي لتغيير لباسهن بأثواب متبرّجة غربية، على النمط الغربي الذي يحلو في أعين “الشيطان الأكبر” كما علّموهن في المدارس.
“الشيطان الأكبر” هو الاسم الذي تستخدمه إيران لأمريكا، وهي بدورها معقل المعايير المزدوجة والنفاق. فحقوق الانسان والحقوق المدنية تُنتهك باستمرار في أمريكا، ولكن العملية ليس فيها سوى القليل إن لم نقل تخلو من العنف. في أمريكا، إذا كانوا يكرهونك، فإنهم يُهمّشونك، ويُقصونك ويحجبون عنك حقوقك ويتجاهلونك. وإذا أردت أن ترد الفعل على إقصائك من المجتمع باللجوء إلى العنف، فإنهم يلقون بك في السجن ويُسمّونك إرهابي.
إسرائيل هي مثال مصغّر لأمريكا، وإن كنت بكل صراحة لست متأكدا من منهم يتّبع من، أهي إسرائيل أم أمريكا؟ ومع أنها نسخة عن أمريكا، فإن إسرائيل فيها اختلاف هام. إسرائيل تتوخى نوعا من التمييز العنصري يقترب من حالة الفصل العنصري، وهو تعبير يستخدمه منتقدو إسرائيل من النشطاء فاقدي التأثير والفعالية ويُلقون من كل منبر إلى حد التخمة.
إسرائيل أيضا تملك السلاح النووي. ولكن الولايات المتحدة ومنذ 1970 تُحجم عن إثارة المسألة لأن الرئيس ليندن جونسون الذي خلف كينيدي كان يخاف لو أنه أثار موضوع السلاح النووي الإسرائيلي فإن الدول العربية التي كانت قد وقّعت على معاهدة منع الانتشار تنسحب من المعاهدة.
كل دول العالم إما أنها صادقت على معاهدة منع الانتشار أو أنها قبلت بها بشكل من الأشكال، عدا عن 5 دول هي الهند وإسرائيل وكوريا الشمالية والباكستان وجنوب السودان. أمريكا تضغط على كوريا الشمالية، وتتوخى أكثر ديبلوماسية مع حليفتها باكستان وتسعى فعليا إلى معاقبة السودان. ولكن الهند وإسرائيل تتمتعان بالحصانة لأسباب سياسية.
وعلى عكس إسرائيل، فإن إيران صادقت على معاهدة منع الانتشار، منذ عهد الطاغية والدكتاتور المدعوم غربيا رضى بهلوي، “شاه إيران”، الذي استلم الحكم سنة 1941. وحتى بعد أن ثار الشعب الإيراني على الشاه وطرده من الحكم والبلاد في العام 1979، فإن الغرب لا يزال يطبّق المعاهدة مع القادة الدينيين المتطرفين المتكبّرين آية الله. أما الطاغية المخلوع الشاه، فإنه ظل محميا من الغرب إلى حين وفاته.
وصل الشاه إلى الحكم بتدخّل مباشر من المخابرات الأمريكية السي أي اي، والجهاز البريطاني ام اي 6، حين ألقوا برئيس الحكومة الايراني المنتخب ديمقراطيا محمد مصدّق. لماذا؟ هل هناك سبب آخر؟ لقد هدد مصدّق بتأميم شركات النفط الايراني. ثم يا للمصادفة، يموت مصدّق مقتولا في السجن بعد 3 سنوات.
كما لا ننسى أنه قبل أن تُسرق الديمقراطية من مصر خلال العام الحالي، فقد وقع سلخها في إيران من طرف الدولة ذاتها التي تنادي اليوم وبكل نفاق بالديمقراطية لشعوب الشرق الأوسط.
تعي إسرائيل تماما هذا التاريخ ولديها استراتيجية خاصة للتعامل مع المسألة. فبينما يسعى الرئيس الأمريكي وهو بطة عرجاء (أي في نهاية مدته الثانية) إلى التوصل إلى توافق مع إيران، مثلما فعل نيفيل شمبرلين مع النازية في العام 1938، تستخدم إسرائيل كل ما لديها من نفوذ لعرقلة عمل أوباما. ويعمل أعضاء الكونجرس الأمريكي الذين يعملون لمصلحة إسرائيل على عرقلة أي حركة للرئيس أوباما.
هذا النفاق هو الذي يسمح للزعماء الايرانيين بالبقاء في هذا العالم. فإسرائيل هي كنه النفاق والمعايير المزدوجة. وهي تسمح لدول مارقة مثل إيران وسوريا أن تتصرف بهذا الشكل دون عقاب.
في عالم متوازن وعادل، فإن الغرب كان سيسعى إلى تحرير الشعب الايراني من طغيان رجال الدين. ولكن أيضا في عالم متوازن وعادل، كان الغرب سيسعى إلى تحقيق الديمقراطية والحرية ومنع انتشار السلاح النووي في إسرائيل أيضا.
ولكن هذا العالم ليس عادلا، ولم يكن كذلك أبدا.
(راي حنانيه كاتب صحفي ومراسل سياسي سابق لدى بلدية شيكاغو. وهو رئيس ومدير تنفيذي لمجموعة أوربان ستراتيجي، وهي شركة استشارات سياسية. اتصلوا به على عنوانه
Related articles
- EU involved in Implanting Israeli Colonies In Palestine (kawther.info)
- Coalition of Free Damascenes For Peaceful Change 26th… (yallasouriya.wordpress.com)
- Worried About Nuclear War in the Middle East? Worry More. (morganmichaels.wordpress.com)
Categories: Arabic
Leave a Reply